تأمَّلْ ، وتعلَّمْ !
يروي الإغريقُ في حكاياتهم الشعبيّةِ التي تدورُ على ألسنةِ الحيوانات:
قرَّرَ أسدٌ في طور الشيخوخة لم يعد قادراً على تأمين طعامه بنفسه أن يلجأ إلى الخداع، فتمدد في كهفٍ زاعماً المرض، وكلما جاء حيوان لزيارته كان يفترسه! وحين اختفى كثير من الحيوانات أدرك الثعلب ما الذي يجري. فذهبَ إلى زيارة الأسد ولكنه بقيَ على مسافةٍ منه خارج الكهف، وسأله عن أحواله!
فقال له الأسد: أنا مريض ولستُ على ما يرام، ولكن لماذا لا تدخل؟!
فقال له الثعلب: كنتُ سأدخل لو لم أرَ الكثير من الخطوات الداخلة إلى الكهف دون أي أثر لخطواتٍ خارجة منه!
في هذه الحياة أنتَ أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن تكون الدَّرس وإما أن تكون الدَّارس، إما أن تكون العبرة وإما أن تكون المعتَبر!
الحكماء يتعلمون من أخطاء غيرهم أكثر مما يتعلم الساذجون من صواب غيرهم!
ما عليكَ إلا أن تتأمل، وتلاحظ، وتستفيد من إخفاقات غيرك، فتوفر على نفسك وجع العثرة التي تعثرها الذين قبلك، وتوفر على نفسك الوقت والجهد المبذولين في طريقٍ مسدود لا يفضي إلى وُجهة، ومن أبلغ ما قالته العرب: العاقل من وُعِظَ بغيره!
في ستينات القرن الماضي تباهتْ وكالة ناسا بقلم حبر من نوع خاص ابتكرته للكتابة في الفضاء لأن قلم الحبر العادي لا يكتب بسبب تغير الضغط الجوي، وانعدام الجاذبيّة، كلّف هذا الاختراع العظيم أموالاً طائلة، ووقتاً أطول!
ولأن وكالة الفضاء الروسية آنذاك كانت مسكونة بحمى التنافس مع ناسا، أرادت أن تخترع قلمها الخاص، فاستدعت أشهر رائدي فضائها يوم ذاك "يوري غاغارين" وسألوه إن كان لديه أية نصائح، فقال لهم: ما حاجتنا إلى كل هذا الهراء يمكننا الكتابة بقلم رصاص!
وفي تسعينات القرن الماضي واجهت الشركة الألمانية لمستحضرات العناية الشخصية "فا" مشكلة في نظام تغليف الصابون، كانت بعض العُلب فارغة ولا تحتوي على أي صابون مما أثار شكوى الزبائن! قرر مجلس إدارة الشركة أن يترك لخبراء التصنيع في فروعه المنتشرة في العالم أن يعمل كل فرعٍ لحل هذه المشكلة على أن يتم اعتماد الحل الأكثر نجاعة! وسرعان ما انهالت الحلول، قسم التصنيع في فرع أمريكا استطاع اختراع جهاز يعمل بالأشعة التي تصدر من الجهاز وترتد إليه في حال وجود صابونة داخل العلبة، وعندما لا ترتد الإشارة إلى الجهاز يصدر صوتاً تحذيرياً فينتبه عمال التوضيب ويزيحون هذه العلبة فوراً! أما فريق التصنيع في اليابان فوضع مروحة ضخمة موجهة إلى السكة التي تنقل علبة الصابون من التغليف إلى التوضيب، ببساطة كانت العلبة الفارغة تطير!
أدهم شرقاوي / مدونة العرب
الرئيسية 
